responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 219
الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ- يعنى عبد الرحمن بن عوف وأمثاله وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ يعنى الأراشى وأمثاله- فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ
مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ
[التوبة: 79].
والآثار فى ذلك كثيرة وهم رضوان الله عليهم فوارس هذا الميدان امتثالا لأمر الله، وبذلا فى سبيله، وإيثارا لما عنده، فذلك أثر قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

[تصحيح فهم مغلوط للآية الكريمة]
ولقد أراد قوم بعد أن فتح الله على المسلمين ونشر دعوتهم أن يركنوا إلى السكينة، ويدعوا الجهاد، ويبخلوا بالنفقة، ويقيموا فى الأموال والزروع اكتفاء بما فتح الله عليهم، فأنزل الله الآية الكريمة، وفيها: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) إلى الهلاك بالإخلاد إلى الراحة وترك الجهاد، قال الحسن: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة هو البخل [1].
وقال آخرون: بل الإلقاء باليد إلى التهلكة: أن يذنب الرجل فلا يتوب من ذنبه.
وعن النّعمان بن بشير رضى الله عنه فى قوله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) قال:" يذنب الرجل الذنب فيقول: لا يغفر له، فأنزلها الله" رواه ابن مردويه [2].
وقال غيرهم: بل نزلت فى القوم يخرجون إلى الجهاد بغير نفقة فيجوعوا أو يكونوا عالة، فأوصاهم الله بالتزود للخروج [3].
وأيّا ما كان سبب نزول هذه الآية أو محملها، فليس المقصود بالإلقاء باليد إلى التهلكة الاستبسال فى لقاء العدو، ولا طلب الموت فى سبيل الله، ولا المسارعة إلى الشهادة، ولا أن يلقى الرجل الجيش فلا يرهبه، بل إن ذلك مما يرضى الله تبارك وتعالى، ويدل على قوة الإيمان، وثبات اليقين، والفناء فى الغاية، وتقدير ثواب الجهاد فى سبيل الله، وهذا ما فهمه السلف رضوان الله عليهم من الآية الكريمة، وإليك المثل من ذلك:

[1] انظر: تفسير الحسن (1/ 136).
[2] رواه الطبرانى فى الأوسط وذكره الهيثمى فى" مجمع البحرين" (3296) وانظر: تفسير ابن أبى حاتم (1/ 332)، والدر المنثور (1/ 375).
[3] انظر: تفسير ابن أبى حاتم (1/ 331).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست